responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 2  صفحه : 670
بِمَا يُفَاضُ عَلَيْهِ فِيهَا مِنْ غَايَاتِ الْقُرْبِ، وَخَوَارِقِ التَّجَلِّيَاتِ، فَتَنْكَشِفُ لَهُ حَقَائِقُ الْمَوْجُودَاتِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ، فَيُدْرِكُ مِنْ خَلْفِهِ كَمَا يُدْرِكُ مِنْ أَمَامِهِ؛ لِأَنَّهُ لِبَاهِرِ كَمَالِهِ لَا يَشْغَلُهُ جَمْعُهُ عَنْ فَرْقِهِ، فَهُوَ وَإِنِ اسْتَغْرَقَ فِي عَالَمِ الْغَيْبِ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ عَالَمِ الشَّهَادَةِ، فَعُلِمَ أَنَّ مَا هُنَا لَا يُنَافِي قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " «إِنِّي لَا أَعْلَمُ مَا وَرَاءَ جِدَارِي» " عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى خَارِجِ الصَّلَاةِ، وَقِيلَ: بَلْ كَانَ لَهُ عَيْنَانَ بَيْنَ كَتِفِهِ كَسَمِّ الْخِيَاطِ يَرَى بِهِمَا كَمَا يَرَى بِعَيْنَيْهِ الْأَصْلِيَّتَيْنِ، مَعَ أَنَّ فِي الْحَقِيقَةِ لَا مُنَافَاةَ؛ لِأَنَّ الْمُثْبَتَ هُنَا الرُّؤْيَةُ الْبَصَرِيَّةُ، وَالْمَنْفِيَّ ثَمَّةَ الْعِلْمُ أَيْ بِالْمُغَيَّبَاتِ، فَلَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَفِي مَعْنَى هَذَا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا، " «هَلْ تَرَوْنَ قِبْلَتِي هَاهُنَا؟ فَوَاللَّهِ مَا يَخْفَى عَلَيَّ رُكُوعُكُمْ وَلَا سُجُودُكُمْ إِنِّي لَأَرَى مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي» " وَفِيهِ رِوَايَةٌ لِمُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ: " «أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي إِمَامُكُمْ فَلَا تَسْبِقُونِي بِالرُّكُوعِ وَلَا بِالسُّجُودِ، فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ أَمَامِي وَمِنْ خَلْفِي» " وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ تَوَقُّفَ الرُّؤْيَةِ فِي حَقِّ الْمَخْلُوقِ عَلَى حَاسَّةٍ وَشُعَاعٍ وَمُقَابَلَةٍ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ مَحِلَّهُ فِي غَيْرِ الْمُعْجِزَةِ، وَخَالِقُ الْبَصَرِ فِي الْعَيْنِ قَادِرٌ عَلَى خَلْقِهِ فِي غَيْرِهَا، قِيلَ سَبَبُ رُؤْيَتِهِ لِمَنْ وَرَاءَهُ أَنَّ صُوَرَهُمْ كَانَتْ مُنْطَبِعَةً فِي قِبْلَتِهِ، وَرُدَّ بِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُتَجَاسَرُ عَلَيْهِ إِلَّا بِنَقْلٍ صَحِيحٍ، وَقِيلَ: هِيَ رُؤْيَةُ قَلْبٍ، قِيلَ: وَحْيٌ أَوْ إِلْهَامٌ، وَرُدَّ بِأَنَّ الصَّوَابَ أَنَّهَا رُؤْيَةُ مُشَاهَدَةٍ بِبَصَرٍ كَمَا مَرَّ، وَخَبَرُ ( «لَا أَعْلَمُ مَا وَرَاءَ جِدَارِي» ) ، لَا يُنَافِي بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ إِخْبَارُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِمُغَيَّبَاتٍ لَا تُحْصَى؛ لِأَنَّ ذَاكَ عَلَى الْأَصْلِ، وَهَذَا عَلَى خَرْقِ الْعَادَةِ بِوَحْيٍ أَوْ إِلْهَامٍ.
قُلْتُ: هَذَا مُنَاقَضَةٌ بَلْ مُضَادَّةٌ فِي الْكَلَامِ، ثُمَّ قَالَ: وَيُؤَيِّدُهُ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا ضَلَّتْ نَاقَتُهُ، وَقَالَ بَعْضُ الْمُنَافِقِينَ: إِنَّ مُحَمَّدًا يَزْعُمُ أَنَّهُ يُخْبِرُكُمْ بِخَبَرِ السَّمَاءِ وَهُوَ لَا يَدْرِي أَيْنَ نَاقَتُهُ، قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: " وَاللَّهِ إِنِّي لَا أَعْلَمُ إِلَّا مَا عَلَّمَنِي رَبِّي، وَقَدْ دَلَّنِي رَبِّي عَلَيْهَا، وَهِيَ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا، حَبَسَتْهَا شَجَرَةٌ بِخِطَامِهَا» " فَذَهَبُوا فَوَجَدُوهَا كَمَا أَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اهـ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَحْوَالَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ مُخْتَلِفَةٌ؛ وَلِهَذَا لَمْ يَرَ يَعْقُوبُ وَلَدَهُ يُوسُفَ فِي الْبِئْرِ مَعَ قُرْبِهَا إِلَى بَلَدِهِ، وَوَجَدَ رِيحَ قَمِيصِ يُوسُفَ مِنْ حِينِ فَصَلَتِ الْعِيرُ مِنْ مِصْرَ، (رَوَاهُ أَحْمَدُ) .

[بَابُ مَا يُقْرَأُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ]
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
812 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ، «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْكُتُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَبَيْنَ الْقِرَاءَةِ إِسْكَاتَةً، فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِسْكَاتُكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَبَيْنَ الْقِرَاءَةِ مَا تَقُولُ؟ قَالَ: " أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(11)
بَابُ مَا يُقْرَأُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ.
الْأَوْلَى بَابُ مَا يُقَالُ بَعْدَهُ، لِيَشْمَلَ دُعَاءَ الِافْتِتَاحِ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ التَّغْلِيبَ، وَالْمُرَادُ التَّكْبِيرُ الَّذِي لِلْإِحْرَامِ.
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
812 -: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْكُتُ) : مِنَ الْإِسْكَاتِ وَهُوَ لَازِمٌ، قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: ضَبَطْنَاهُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ ثَالِثِهِ مِنَ السُّكُوتِ، وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: مِنَ الْإِسْكَاتِ، قُلْتُ: وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ النُّسَخِ وَجُمْهُورُ الشُّرَّاحِ، وَهُوَ الْمُلَائِمُ لِلْمَصْدَرِ الْآتِي، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ: تَكَلَّمَ الرَّجُلُ ثُمَّ سَكَتَ بِغَيْرِ أَلِفٍ، فَإِذَا انْقَطَعَ كَلَامُهُ، قُلْتُ: أَسْكَتَ، نَقَلَهُ الْقَسْطَلَانِيُّ (بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَبَيْنَ الْقِرَاءَةِ إِسْكَاتَةٌ) : إِفْعَالَةٌ، السُّكُوتُ، وَلَا يُرَادُ بِهِ تَرْكُ الْكَلَامِ بَلْ تَرْكُ رَفْعِ الصَّوْتِ لِقَوْلِهِ: مَا تَقُولُ فِي إِسْكَاتِكَ؟ قَالَهُ الطِّيبِيُّ: أَوِ الْمُرَادُ بِهِ السُّكُوتُ عَنِ الْقِرَاءَةِ لَا عَنِ الذِّكْرِ قَالَهُ الْأَبْهَرِيُّ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ، (قُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ) : قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: الْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ، قِيلَ: هُوَ اسْمٌ فَيَكُونُ مَا بَعْدَهُ مَرْفُوعًا تَقْدِيرُهُ أَنْتَ مُفْدًى بِأَبِي وَأُمِّي، وَقِيلَ: هُوَ فِعْلٌ أَيْ فَدَيْتُكَ وَمَا بَعْدَهُ مَنْصُوبٌ، وَحُذِفَ هَذَا الْمُقَدَّرُ تَخْفِيفًا لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ، وَعِلْمِ الْمُخَاطَبِ، ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ، (إِسْكَاتَكَ) :

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 2  صفحه : 670
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست